ظریف یستعرض سبل الخروج من الأزمة السوریة

asdasd
معرف الأخبار : ۳۲۴۵۴۷

کتب وزیر الخارجیة الإیراني محمد جواد ظريف فی مقال لصحیفة السفیر اللبنانیة نشرته في عددها الصادر اليوم الاثنين، حول الازمة السورية وسبل تسويتها وكذلك مواقف ايران من الازمة .

وقال الوزير ظريف في المقال ان الأزمة السوریة دخلت مساراً جدیداً إثر التطورات الأخیرة وبعد اجتماعی فیینا (1 و2)، ولاحت لأول مرة في الأفق بوادر أمل، ولو ضعیفة، لوضع نهایة لواحدة من أکبر الکوارث البشریة في الحقبة المعاصرة.. وفي إطلالة هذا المسار الجدید، یبدو من الضروري لفت النظر إلی نقاط بإعتبارها الإطار الذي تنظر من خلاله الجمهوریة الاسلامیة في ايران إلی الأزمة السوریة وسبل الخروج منها..

1- قامت سیاسة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة فیما یخص الأزمة السوریة منذ بدایتها علی ثلاثة مبادئ: الأول: احترام مطالب وإرادة الشعوب في تعیین مصیرها وإدارة وتعدیل أمورها بنفسها.

الثانی: معارضة التدخل الخارجي لفرض رغبات لاعبین أجانب علی حکومة وشعب مستقلین.

الثالث: رفض استخدام الإرهاب کأداة لبلوغ أهداف سیاسیة في النزاعات الداخلیة بالبلدان.

2- علی أساس هذه المبادئ الثلاثة، رأت ایران دائماً بأن الأزمة السوریة لیس لها حل عسکري، وان السبیل الوحید للخروج من الوضع الراهن هو الحل السیاسي المتفق علیه والقائم علی الحوار السوري-السوري بین الحکومة والمعارضة المناهضة للارهاب.. وفي هذا الصعید، لابد من وضع حد لتوهم اللاعبین بنجاح الحل العسکری من خلال عقد صفقات عسکریة هائلة وأن یدرکوا بأنه لو تم صرف نسبة قلیلة من النفقات الهائلة علی مشتریات الأسلحة من الشرکات الغربیة، علی التنمیة الاقتصادیة للبلدان والمجتمعات الاسلامیة لکانت قد جفت أحد الجذور الرئیسیة للإرهاب والعنف.

3- إن إطالة أمد الأزمة السوریة وما یعیشه هذا البلد حالیاً من أوضاع مأساویة، علاوة علی الظروف الداخلیة غیر المساعدة، هي من نتاج التدخل الخارجي الواسع، والسیاسات التي تعتمد علی العنف والتطرف والإرهاب کأدوات لتصفیة الحساب مع الحکومة والشعب السوریین. وللأسف أن بعض الحکومات لا تزال تری ان داعش وجبهة النصرة والمجموعات الإرهابیة التکفیریة الأخری أو الأشکال المختلفة والحدیثة منها لا تشکل خطراً عاماً، بل تراها عنصراً یدفع بآمالها ومطالبها الإقلیمیة إلی الأمام. وإن ربط المحاربة الجادة والشاملة للإرهاب التکفیري بتحدید المصیر السیاسي لسوریا، مؤشر ومصداق لهذه الاستراتیجیة الخطیرة المتبعة إقلیمیاً ودولیاً. وفي حین کشفت المجموعات التکفیریة مرات ومرات عن تنفیذ نوایاها المشؤومة وبأنها لا ترحم حتی المتحالفین السابقین والحالیین معها، فإن حماة هذه المجموعة لم یعوا هذه الحقیقة حتی الآن للأسف.

4- إن الدول التي تفتقد إلی أبسط البنى والمبادئ الدیمقراطیة مثل الدستور والانتخابات الحرة، تبادر بدعوی دعمها لمطالب الشعب السوري لنیل الدیمقراطیة إلی فرض شروط غیر عملیة وغیر مقبولة لدی هذا الشعب، وتسببت عملیاً بالحیلولة دون التوصل إلی حلول سیاسیة واستمرار الحرب طوال الأعوام الأربعة الماضیة، وعملت علی اتساع العنف والإرهاب بالمنطقة والعالم، بأمل إحراز النصر العسکري العاجل ومهدت لتفاقم الأزمة السوریة واستمرارها.

5- إن رسم مسار لوضع نهایة للأزمة السوریة یستدعي النظر في جذور نشأة واستمرار الأزمة. وعلی هذا الأساس، نعتقد ان أي شکل من أشکال حل الأزمة السوریة یجب أن یقوم علی المبادئ التالیة:

الأول: إن حل الأزمة السوریة یأتي فقط من خلال إرادة ورأی الشعب السوري، ولا یحق لأي من اللاعبین الأجانب التحدث باسم هذا الشعب.. فالشعب السوري شعب حر ومستقل ولیس بحاجة لوصي علیه، والوصایة علی الشعوب قد ولت حقبتها.

الثاني: إن الخطوة الأولی في مسار حل الأزمة تتمثل في الوقف الفوري لإطلاق النار ووضع نهایة لإراقة الدماء، والتنسیق الدولي الشامل لمکافحة الإرهاب والتطرف، وهذا سیمهد للخطوات الموازیة اللاحقة.

الثالث: إن اللاعبین الأجانب، وبدلاً من السعي للتدخل وفرض إملاءاتهم، علیهم ضمن المجابهة غیر المشروطة ضد المجموعات التکفیریة الإرهابیة المعروفة، مد ید المساعدة للحکومة والمعارضة السوریة لتبدآن مسیرة الحوار السوري-السوري، والعمل علی اتخاذ الخطوات الأولی للتوافق السیاسي بهدف تحقیق المصالحة الوطنیة والتحرك باتجاه الخروج من الأزمة الحالیة باللجوء إلی الرأي العام السوري.

الرابع: إن جمیع اللاعبین، الشرکاء في مسیرة وضع نهایة للأزمة، علیهم وضع حد للسیاسات العقیمة وغیر الفاعلة القائمة علی أساس إستغلال الإرهاب، وفرزه إلی جید وسیئ، ویجب اعتبار کل أشکال الإرهاب منبوذة.. وعلی اللاعبین الذین أنفقوا مبالغ طائلة وقدموا الدعم للمجموعات الإرهابیة وجعلوا، بممارساتهم وسیاساتهم، سوریا والمنطقة والعالم تعیش فی حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، علیهم وضع نهایة لسیاساتهم في هذا الصعید.. الأولویة هنا هي الامتناع عن شراء النفط الذي یبیعه (داعش)، ووقف التحویلات المالیة لهذا التنظیم الإرهابي، والحیلولة دون دخول الإرهابیین الأجانب إلی المنطقة.

6- إن المواجهة الموحدة والمنسجمة ضد الإرهاب، بموازاة التقدم في مسیرة الحوار والتوافق السیاسي السوري-السوري، یمکنها أن تمهد للخروج من الوضع الحرج الحالي والبدء بوضع خاتمة لهذه المأساة الکبری.

7- إن مکافحة الإرهاب بصورة فاعلة وعلی الأمد الطویل، وهذا بالطبع إلی جانب ما لا یمکن تجنبه من أعمال عسکریة وأمنیة ضروریة، تتطلب سبل حل شاملة وعمیقة اجتماعیة وثقافیة واقتصادیة، والتي إن لم تحظ بالعنایة، فستبقی الحلول العسکریة، بل وحتی السیاسیة مؤقتة وغیر دائمة.

8- في هذا السیاق، لابد من التوقف عن حالة الإسلاموفوبیا وتوجیه الإهانة للمقدسات الإسلامیة في الغرب، الأمر الذي أدی إلی تهمیش ونفور المجتمعات الإسلامیة.. وبنفس الوقت، من الضروري وضع نهایة للترویج للأسس الثقافیة للفکر التکفیري الذي تصرف الأموال الطائلة لتسویقه إلی أرجاء العالم باسم الدین الإسلامي.

9- وعلی المدی القریب، وحتی الوصول إلی الحل السیاسي، فإن الضرورة التی لا یمکن تجنبها تتمثل فی سد الإحتیاجات الفوریة للاجئین خارج سوریة والنازحین داخلها.

endNewsMessage1
تعليقات