العرض المعیب: " رفح " مقابل إیران

معرف الأخبار : ۲۶۴۵۶۸

من غزة دقّت «حماس» أبواب طهران بصوت عال أزعج الرياض التي سارعت إلى إبداء الغضب أولاً، ثم تقديم الإغراءات. ليس أحبّ على قلب الحركة من أن يفك الطوق عن غزة، لكن لديها ثلاثة تيارات بوجهات مختلفة.

لم یکن طلب حرکة «حماس»، على المستوى السیاسی أو الإعلامی العسکری، من فضائیات مثل «المنار» و «العالم» أن تنقل کلمة المتحدثباسم کتائب القسام، أبو عبیدة، نقلاً مباشراً، إلا تأکیداً على أن هناک شیئاً مهماً سوف یقال. وفعلاً، فی احتفال انطلاقة «حماس» قبل یومین، شکر أبو عبیدة إیران شکراً تفصیلیاً بعدما سرت حالة إنکار، أو تغافل، عن دور طهران فی دعم غزة على اللسان الحمساوی. شکر یبدو أنه استفزّ کبرى دول الخلیج. السعودیة اتصلت صراحة بقیادات حمساویة(فی الخارج) لتعبّر لها عن الغضب من هذا التقارب الذی تتهم القیادی محمود الزهار بالوقوف خلفه.

فی اللحظات الأولى لم یتبلور ردّ واضح من «حماس»، خاصة أن العلاقات بالریاض لیست فی أحسن أحوالها تبعاً لوقائع مصر. عادت المملکة وقدمت عبر قنوات أمنیة عرضاً مغریاً من وجهة النظر الریاض: فتح معبر رفح ورفع حصار غزة فی مقابل الانکفاء عن التوجه إلى إیران. أیضاً لم یجر الرد على هذا العرض المعیب فی أصله وفی واقع أنه یأتی من دولة یفترض أنها تدّعی أنها تسعى إلى رأب الصدع فی المنطقة. وجرى تقدیم الاعتذار الحمساوی على قاعدة أنه ستجری دراسته، إذ ترى قیادات فی «حماس» أن «المؤمن لا یلدغ من جحر مرتین»، وأن «السعودیة التی تطابقت مواقفها مع إسرائیل طوال الحرب على غزة» لن تکون خیاراً محموداً، علماً بأن أسئلة کثیرة تُطرح فی الأوساط المعنیة عن دور القاهرة وعن مدى تورطها فی العرض المقدم. المواقع الإسرائیلیة تلقّفت الخبر على عجل، ناقلة عن وکالة «الرأی» الحکومیة، التابعة ل «حماس»، التفاصیل نفسها، وتساءلت عن «الأمور الأخرى» التی تحدثعنها أبو عبیدة فضلاً على «المال والسلاح النوعی». لکن «حماس» لیست على قلب رجل واحد، إذ کان الظاهر أن وقوف النائب الأول لرئیس المکتب السیاسی، إسماعیل هنیة، والنائب الثانی موسى أبو مرزوق، بجانب «العسکر»، یمثل موافقة ضمنیة على ما سیقوله الرجل، لکن الحقیقة غیر ذلک.

تشرح مصادر فی الحرکة أن هناک ثلاثة مواقف تبلورت بعد سلسلة کبیرة من المناقشات الداخلیة بشأن العودة إلى علاقة ممیزة مع طهران، على اعتبار أن للخطوة کلفتها داخلیاً وخارجیاً. الخط الأول مع العودة، بل یرى أنها تأخرت کثیراً، والخط الثانی یشابه الأول لکنه مع التمهّل والابتعاد عن «الانفعالیة»، فیما یقف آخرون ضد هذه العودة… على الأقل حتى تنتهی الأزمة السوریة.

اللافت أن وجهة النظر الأولى یتبناها الزهار ویدعمها أبو مرزوق، فی حین النقاش لم ینته فی الدوائر الاخرى، علماً بأن خالد مشعل کان کما هنیة وکما الآخرون غیر ممانعین لزیارة الوفد القیادی الاخیر لطهران. ومن دون ظهور أی مؤشر على زیارة قریبة لمشعل إلى طهران، فإن الأخیر أکد فی حوار مع صحیفة «الرسالة»، التابعة ل «حماس»، أن العلاقات بالجمهوریة الإسلامیة لم تنقطع أصلاً حتى تعود. ولعل محاولات تهریب السلاح عبر بحر رفح بعد الحرب الأخیرة(أخفق بعضها) دلالة میدانیة على أن المیاه لم تکن راکدة فی الجانب العسکری خصوصاً.

وبالحدیثعن التکالیف، ففی الداخل سادت حالة من «الفوضى» داخل القاعدة الشعبیة ل «حماس» فی استرجاع المقاربات الفقهیة والسیاسیة لهذا التحول، ولا سیما أنه یأتی بعدما شنّ إعلامیون مقرّبون، أو منتمون، إلى الحرکة هجوماً على إیران بعد التغیرات التی أحدثها الحوثیون فی الیمن، والدخول على خط المعرکة فی العراق، فضلاً عن ترکة أربع سنوات من التحریض فی الشأن السوری. وللمرة الأولى تظهر حالة اعتراض واسعة ضد «التناقض» فی النتیجة النهائیة للتعبئة التی جرت خلال الحرب على أن کل ما قام به الفلسطینیون صنعوه بأنفسهم، بدءاً من الصواریخ وانتهاءً بطائرات الاستطلاع وأسلحة القناصة.

أیضاً، تؤکد التجربة الفلسطینیة، على مدار ثمانی سنوات ماضیة، أنه کلما اقتربت «حماس» من طهران ابتعدت الأولى عن «فتح»، ولیس هذا بناءً على طلب إیرانی، لکن تعزیز قدرات المقاومة وتحفیزها على مواصلة عملها یعنیان بالضرورة التصادم مع خیارات السلطة التی تتجه الآن إلى إقرار مشروع دولة یعنی فی مجمله نزع سلاح المقاومة، والدخول فی هدنة طویلة الأمد مع الاحتلال. أما فی التکالیف الخارجیة، فیبقى السؤال عن ردّ الفعل القطری الذی سیکون أقل حدة من نظیره السعودی، لکن إنکار مشعل أن المصالحة الخلیجیة ستؤثر فی علاقة حماس بالدوحة ستکشف صحته الأیام المقبلة.

http: / / www. al - akhbar. com / node / ۲۲۲۰۹۵

تعليقات